للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى عنه، وأمكن له لقاؤه والسماع منه، ولم يثبت ذلك صريحاً، ولم يكن هناك دلالة بينة على أنه لم يلقه، أو لم يسمع منه.

وهذه شروط محكمة جداً، تضيق دائرة الخلاف بين مسلم ومخالفه، فإذا لم تتوافر الشروط أو بعضها فإن مسلماً لا يثبت السماع، ولا يحكم بالاتصال.

ومن ذلك قوله في رواية محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن جده عبد الله بن عباس: " ومحمد بن علي لا يعلم له سماع من ابن عباس، ولا أنه لقيه أو رآه " (١).

ومحمد بن علي كان له من العمر عشر سنوات حين وفاة جده (٢)، فالإمكان الحديثي للسماع غير متوافر، وانضم إلى ذلك أنه يروي عنه بواسطة والده (٣).

وقد رأيت بعض الأئمة والباحثين ممن اختار مذهب مسلم، أو اختار مذهب الجمهور، أو ذهب إلى أنه لا خلاف أصلاً، والإجماع على ما ذكره مسلم، ربما أغفل بعض هذه الشروط، فلم يتحرر عنده محل النزاع، سواء في ذلك حين عرض القولين وأدلتهما، أو حين التطبيق، فربما لم يراع ثقة الراوي، أو تدليسه، أو إمكان سماعه ممن روى عنه، أو معاصرته له، أو وجود التصريح بالتحديث من عدمه.

وقد ذكرت في رسالة " اشتراط العلم بالسماع في الإسناد المعنعن " أمثلة


(١). "التمييز " ص ٢١٥.
(٢). "تهذيب التهذيب " ٥: ٢٧٨، ٩: ٣٥٥.
(٣). "صحيح مسلم " حديث (٧٦٣)، وانظر: "بيان الوهم والإيهام " ٢: ٥٥٨.

<<  <   >  >>