للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المديني في أول هذا المبحث.

وممن رجح مذهب جمهور الأئمة أيضاً من المتأخرين: ابن حجر، لكنه في مسألة رواية التابعي عن صحابي غير مسمى بالعنعنة اختار ترجيح الحكم بالاتصال، كما تقدم ذكره آنفاً، وقد علق على ذلك المعلمي بقوله: "والعجب من الحافظ - رحمه الله - كيف مشى معهم في ترجيح رد عنعنة من علمت معاصرته دون لقائه، مع أنها قد تقوم القرائن على اللقاء، وتوقف عن ردها - بل احتج لقبولها - في حق من لم يعلم معاصرته أصلاً، وكان العكس أقرب كما هو واضح" (١).

وهذا التردد من بعض الأئمة يجعل الباحث ينسب القول إلى الإمام مع خوفه من أن يكون مال إلى القول الآخر أو طبقه في مكان آخر، وهذا وإن كان غير مستنكر في مسائل كثيرة، لكنه في هذه المسألة ظاهر جداً، لاسيما في وجود فرق بين التنظير والتطبيق، فقد قال ابن رجب عن قول مسلم: "وكثير من العلماء المتأخرين على ما قاله مسلم - رحمه الله - من أن إمكان اللقي كافٍ في الاتصال من الثقة غير المدلس، وهو ظاهر كلام ابن حبان وغيره" (٢).

وما ذكره ابن رجب يحتمل أن يكون أخذه استقراء من صنيع ابن حبان في "صحيحه"، لكن لابن حبان كلام قوي جداً في اشتراط العلم بالسماع، كرره في كتابه " الثقات " (٣).


(١). "عمارة القبور" ص ٢٥١.
(٢). "شرح علل الترمذي" ٢: ٥٨٨.
(٣). "الثقات " ١: ١١، ٦: ٢، ٩: ٢٠٩.

<<  <   >  >>