للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنك" (١).

وهذه الحملة على التدليس آتت ثمارها في الحد من وقوعه، لكنها لم تقض عليه، فقد ارتكبه جماعة كثيرون من الرواة، وفيهم أئمة فضلاء، كقتادة، والأعمش، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وغيرهم، قال ابن المبارك: "قلت لهشيم: ما لك تدلس وقد سمعت كثيراً؟ قال: كان كبيراك يدلسان، وذكر الأعمش، والثوري" (٢).

وكتب وكيع إلى هشيم: "بلغني أنك تفسد أحاديثك بهذا الذي تدلسها فكتب إليه: "بسم الله الرحمن الرحيم: كان أستاذاك يفعلانه: الأعمش، وسفيان" (٣).

ولذلك كان الجانب الأهم الذي بذله أئمة النقد تجاه التدليس هو في الكشف عنه، وقد قاموا في سبيل ذلك بجهود عظيمة جداً، تأتي على رأس ما بذلوه من جهد في عموم نقد السنة، وتمييز صحيحها من ضعيفها، وذلك لما يحتاجه الكشف عن التدليس من دقة وشدة تتبع، ولتعلقه في كثير من الأحيان بالرواة الثقات.

وجهودهم هذه نلاحظها بسهولة في تراجم الرواة، إذ ينصون في كلامهم


(١) "تهذيب التهذيب" ٤: ١١٥.
(٢) "العلل الكبير" ٢/ ٩٦٦، و"الكامل" ٢: ٦٤٢، و"التمهيد" ١: ٣٥.
(٣) "العلل ومعرفة الرجال" ٢: ٢٦١.

<<  <   >  >>