للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتقنين شيئاً يوجب تركه إذا بين السماع في خبره، لأنه كان يدلس عن الثقات ما سمع من الضعفاء عنهم ... " (١).

وسلك ابن حبان هذه الطريقة في عدد من الرواة (٢).

ويستفاد من كل هذا أن وصف الراوي بالتدليس ليس بالأمر الهيِّن، سواء بالنسبة لشخصه، أو لما يترتب على ذلك من إعطائه حكم المدلسين.

ويتأكد هذا إذا عرفنا الأسباب التي من أجلها يصف الأئمة صنيع راوٍ بأنه تدليس، ثم توجد صورة هذا الصنيع عند راوٍ آخر ولا يطلقون عليه ذلك، فإن معرفتها تفيد في الوقوف عند كلام الأئمة في وصف الرواة بالتدليس، وعدم تجاوز ذلك.

وأول من رأيته تعرض لذكر هذه الأسباب هو ابن رشيد، فإنه قال: "فإن قيل: قد وجد الإرسال من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، وممن بعدهم، ممن يعلم أو يظن أنه لا يدلس عمن لقيه وسمع منه، قلنا: أما حال الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في ذلك، الذين وجبت محاشاتهم عن قصد التدليس ـ فتحتمل وجوهاً:

منها: أن يكونوا فعلوا ذلك اعتماداً على عدالة جميعهم، فالمخوف في الإرسال قد أمن ... .


(١) "الثقات" ٨: ٤٩٢.
(٢) انظر مثلاً: "الثقات" ٨: ٣٠٩، و"المجروحين" ١: ٢٠٠، ٢: ١٢، ٩٧، ١١٧، ٣: ٩٣.

<<  <   >  >>