صباه حفظه، وما سمعه في كبره عن الغرباء خلط فيه (١).
ثم قال الباحث معلقاً على كلامهما:"ومراد الحافظ بإشارة ابن معين - والله أعلم - أنه يروي عن غير أهل الشام ما لم يسمعه منهم على سبيل التخليط، ولما كان قد سمع من أهل الحجاز وأهل العراق في آخر حياته، وضاعت كتبه أو تغير حفظه، فإنه ربما روى عنهم ما ليس من حديثهم، وهذا هو التدليس، وعلى هذا يمكن أن نصف كل من اختلط من الرواة بالتدليس، لأنه ربما روى عمن سمع منه أو لقيه ما لم يسمعه منه ... ، وإذاً فيمكن أن يروي عن العراقيين حديثاً كاملاً ليس عندهم، وهذا من التدليس الذي تقدم تعريفه ... ".
كذا قال هذا الباحث - عفا الله عنه -، بكل سهولة يقرر أن كلام ابن معين، وابن حبان الذي نقله هو مراد ابن حجر بإشارتهما إلى تدليسه، ثم يبني على هذا أنه يمكن أن يوصف كل مختلط بالتدليس، وهذا شيء لم يسبق إليه، وهو من الخطورة بمكان لا يخفى.
وكلام الباحث في القضيتين غير دقيق أبداً، فليس في كلام ابن معين، وابن حبان الذي نقله رمي لإسماعيل بن عياش بالتدليس، وفهم ذلك منه بعيد جداً، فما بني عليه من تقعيد لا يصح كذلك، ومراد ابن حجر بإشارتهما ليس هو ما نقله الباحث عنهما.