للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونقل ابن عبدالبر عن البرديجي قوله: " (أن) محمولة على الانقطاع حتى يتبين السماع في ذلك الخبر بعينه من طريق آخر، أو يأتي ما يدل على أنه قد شهده وسمعه" (١).

وأوضح الأئمة - ابن المواق ومن معه - أن هذا التفريق بين (أن) إذا لم يقصد بها الرواية عن الشخص، وإنما سرد حكاية وقعت له، وبين (عن) - هو أيضاً قول سائر الأئمة، كأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والدارقطني، والبيهقي، وغيرهم، فقد حرصوا في كلامهم على الأحاديث على النص على هذا، وضربوا أمثلة لصنيعهم.

قال ابن المواق في شرح مذهب الأئمة في الرواية بـ (أن) إذا حكى الراوي بها قصة: " ... ، وهو أمر بين، لا خلاف بين أهل هذا الشأن في انقطاع ما يروى كذلك، إذا علم أن الراوي لم يدرك زمان القصة ... " (٢).

وما ذكره هؤلاء الأئمة ظاهر، إلا أنني رأيت الترمذي لما أخرج حديث ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن صفوان بن أمية قال: ((أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين وإنه لأبغض الخلق إلي، فمازال يعطيني حتى إنه لأحب الخلق إلي) عقبه بقوله: "حديث صفوان رواه معمر وغيره عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، أن صفوان بن أمية قال: ((أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... )


(١). "التمهيد" ١: ٢٦.
(٢). "التقييد والإيضاح" للعراقي ص ٨٦، نقلاً عن كتاب ابن المواق "بغية النقاد".

<<  <   >  >>