ولعل هذا هو مراد أحمد في جوابه على سؤال وجه إليه، قال أبوداود:"سمعت أحمد سئل عن الرجل يعرف بالتدليس يحتج فيما لم يقل فيه: حدثني، أو سمعت؟ قال: لا أدري، فقلت: الأعمش متى تصاد له الألفاظ؟ قال: يضيق هذا - أي إنك تحتج به- "(١).
والمفهوم من سؤال أبي داود وجواب أحمد أنَّ الأعمش يقلّ تصريحه بالتحديث، فإذا اشترطنا تصريحه ضاق الأمر، وذهب جلّ حديثه، مع أنه قد سمع شيئاً كثيراً جداً، ولاسيما من شيوخه المشهورين الذين أشار إليهم الذهبي، ولعل قلة تصريحه بالتحديث مراده إلى الطريقة التي تلقى بها تلامذة الأعمش حديثه، فقد يذكر الأعمش الإسناد، ويذكر بعض أصحابه المتن، أو يذكر هو المتن، ويذكر بعض أصحابه الإسناد، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في المبحث الأول من الفصل الأول.
فالقولان ـ الأول والثالث ـ في حكم رواية المدلس إذا روى بصيغة محتملة يلتقيان في هذه الحالة.
كما تلتقي المذاهب الثلاثة فيما إذا كان المدلس قد سمع من شيخه أحاديث قليلة، ثم روى عنه شيئاً كثيراً بالنسبة لما سمعه، فلابد حينئذٍ من التصريح بالتحديث، والظن الغالب أن ما لم يصرح فيه بالتحديث قد دلّسه عنه.
فمن ذلك الأعمش في مجاهد، فقد سمع منه أحاديث قليلة، واختلفوا في