للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم أقف على شيء من كلام الأئمة في خصوص هذه المسألة، سوى أن ابن حبان قال في ترجمة محرز بن عبدالله الجزري: "كان يدلس عن مكحول، يعتبر بحديثه ما بين السماع فيه عن مكحول وغيره" (١).

فظاهره أنه ثبت لديه تدليسه عن مكحول فطرد الحكم في غيره أيضاً، وابن حبان متشدد في موضوع التدليس كما تقدم في القول الثاني، ويحتمل أنه نص على مكحول لشهرته في شيوخه، ويكون قد عرف تدليسه عن غيره أيضاً.

وهذه المسألة ينبغي أن يتأنى فيها، إذ لا ريب أننا لو أدركنا من كلام الأئمة أنه لا يدلس إلا عمن ذكر لانتهى الأمر، كما في تدليس مغيرة بن مقسم، فقد نسبه الأئمة إلى التدليس عن إبراهيم النخعي، وفي كلام أحمد أنه لا يدلس إلا عن إبراهيم (٢).

ولكن قد يكون سبب تنصيصهم على بعض شيوخ المدلس لقوته فيه، وشهرته بالرواية عنه، وليس لما ذكر، فإسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، من كبار أصحاب الشعبي، فقد يكون هذا هو سبب تنصيص النقاد على تدليسهما عنه، وقد قال أحمد في إسماعيل: "يحيى أحسن الناس حديثاً عن إسماعيل - يعني ابن أبي خالد - يقول: لأن فيها أخباراً، حدثنا قيس، حدثنا حكيم بن جابر" (٣)، فهذا يدل على أنه كان يدلس عن غير الشعبي.

ثم إني رأيت بعض الباحثين توسع جداً في هذه القضية، فذكر قول الحاكم


(١) "الثقات" ٧: ٥٠٤.
(٢). تقدم النقل عنهم في المبحث الأول.
(٣) "العلل ومعرفة الرجال" ٣: ٣١٩.

<<  <   >  >>