هذا ما وقفت عليه من القرائن المستخدمة في ترجيح وجود تدليس، وقد يوقف على غيرها أيضاً.
وقد يقول قائل: قد ذكرت في المبحث الثالث أن نص إمام من الأئمة على أن فلاناً لم يسمع الحديث ممن روى عنه ينهي موضوع التدليس، ونحكم على الحديث بالانقطاع، مع أننا نرى الأئمة يصدرون أحكامهم بناءً على القرائن المذكورة هنا، فإما أن نجعل نص الإمام مجرد قرينة، وإما أن نجعل هذه القرائن وإن لم يوجد نص للإمام كما إذا وجدنا نصاً عنه.
والجواب: أنني ذكرت أحكام الأئمة هنا مع هذه القرائن لأبين اعتماد الأئمة عليها في الحكم بالانقطاع، فنحن نقتفي أثرهم في استخدامها، ونرجح وجود تدليس إذا وجدت، وإن لم نقف لهم على كلام في الحديث المعين، ويبقى ذلك مجرد قرينة مرجحة، أما إذا كان هناك كلام لإمام من الأئمة فالواجب اتباعه في ذلك، ولا يكون هذا مجرد قرينة، بل يجب متابعته وإن لم يتحرر لنا سبب حكمه هذا، إذ كثير من أحكامهم يظهر أنهم عرفوها من المدلسين أنفسهم، والله أعلم.