أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة قالت: [أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّة إلى البيت غَنَمًا فقلّدها] (١).
وهو قول الشافعي وأحمد، وأنكر ذلك مالك وأصحاب الرأي، وكأنهم لم يبلغهم هذا الحديث في تقليد الغنم. والصواب أن التقليد سنة بالغنم والبقر. وأما البقر إن كان لها أسنمة أُشعرت كالبُدن، وهو قول ابن عمر، وبه قال مالك.
وقوله: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا}.
المعنى: نَهْيٌ عن قتال من قصد البيت الحرام طالبًا فضل الله ورضوانه أو التجارة.
قال ابن عباس: ({وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}: يعني من توجه قبل البيت الحرام).
وقوله: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا}. قال مطرف بن الشِّخِّير: (التجارة في الحج، والرضوان في الحج). وقال ابن عباس: (يعني: أنهم يترضّون الله بحجهم).
وقال مجاهد: (يبتغون الأجر والتجارة).
وذكر ابن جرير الإجماع أن المشرك يجوز قتله إذا لم يكن له أمان، وإن أمّ البيت الحرام أو بيت المقدس، وروى عن قتادة قال: (نسخ من "المائدة": {آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ}، نسختها "براءة" قال الله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ .. (٥)}. وقال: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ .. (١٧)}. وقال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا .. (٢٨)}.
وهو العام الذي حج فيه أبو بكر، فنادى فيه بالأذان).
ولا شك أن من قَصَد البيت بالإلحاد فيه، والشرك عنده، والكفر به، يمنع للآية السابقة.
وقوله: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}.
فيه إباحة الصيد عند الفراغ من الإحرام والتحلل. قال مجاهد: (هي رخصة). وقال: (إذا حلّ، فإن شاء صاد، وإن شاء لم يصطد). وكان مجاهد لا يرى الأكل من هدي المتعة واجبًا ويتأول الآية السابقة.
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١٧٠١)، (١٧٠٢)، (١٧٠٣)، وأخرجه مسلم (١٣٢١) ح (٣٦٥). من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.