روى الفضيل بن ميمون عن مجاهد أنه قال:(عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات، أقف عند كل آية منه أسألهُ عنها: فيم أنزلت؟ وكيف أنزلت؟ ).
وهذا العرض من مجاهد رحمه الله على شيخه الجليل إنما كان طلبًا، لتفسيره ومعرفة أسراره ودقائقه، وتفهم حكمه وأحكامه، ولهذا قال الإمام النووي رحمه الله:(إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به).
روى عنه الأئمة الستة، وتوفي سنة (١٠٣) هجرية، وقد بلغ ثلاثًا وثمانين سنة. (تذكرة الحفاظ للذهبي ١/ ٩٢).
٤ - عكرمة مولى ابن عباس: هو أبو عبد الله البربري ثم المدني الهاشمي مولى ابن عباس، ولد سنة (٢٥) هجرية، روى عن مولاه وعائشة وأبي هريرة، وحدث عنهُ أيوب والحذاء وخلق، روى له الستة.
تلقى علمه على ابن عباس، وأخذ عنه القرآن والسنة، وكان رحمه الله يقول. (لقد فسرت ما بين اللوحين -يعني دفتي المصحف-، وكل شيء أحدثكم في القرآن فهو عن ابن عباس).
وقال أيضًا:(طلبت العلم أربعين سنة، وكان ابن عباس يضع الكبل في رجلي على تعليم القرآن والسنن).
قال الشافعي رحمه الله:(ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة).
وكان الحسن إذا قدم عكرمة البصرة أمسك عن التفسير والفتيا، ما دام عكرمة بالبصرة، قاله قرة بن خالد.
وجاء في تعريفهِ في كتاب الأعلام:"عكرمة بن عبد الله البربري المدني، أبو عبد الله، مولى عبد الله بن عباس، تابعي، كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي، طاف البلدان، وروى عنه زهاء ثلاث مئة رجل، منهم أكثر من سبعين تابعيًا، وخرج إلى بلاد المغرب، فأخذ عن أهلها ثم عاد إلى المدينة المنورة، فطلبه أميرها فتغيَّبَ عنه حتى مات، وكانت وفاته بالمدينة هو والشاعر المشهور (كثير عزّة) في يوم واحد فقيل: "مات أعلم الناس، وأشعر الناس" (١).
توفي سنة (١٠٧) هجرية بالمدينة. (تذكرة الحفاظ للذهبي ١/ ٩٥).