لذلك، وقد وَعَدَهُ الله بالعذاب العظيم في الآخرة، فيكفيه ذلك عن الحد، وقيل: بل كان يستوشي الحديثَ ويجمعه ويحكيه، ويُخْرجه في قوالب من لا يحسب إليه، وقيل: الحدُّ لا يثبتُ إلا بالإقرار، أو بِبَيِّنَة، وهو لم يُقر بالقذف، ولا شهد به عليه أحد، فإنه إنما كان يذكُرُه بين أصحابه، ولم يشهدُوا عليه، ولم يكن يذكره بين المؤمنين. وقيل: حدُّ القذف حقُّ الآدمي، لا يُستوفى إلا بمطالبته، وإن قيل: إنه حقٌّ لله، فلا بُدَّ من مطالبة المقذوف، وعائشة لم تُطالب به ابنَ أبي.
وقيل: بل تَرَكَ حدّه لمصلحة هي أعظمُ من إقامته، كما تركَ قتله مع ظهور نفاقِه، وتكلمه بما يوجب قتله مرارًا، وهي تأليفُ قومه، وعدم تنفيرهم عن الإسلام، فإنه كان مطاعًا فيهم، رئيسًا عليهم، فلم تُؤمن إثارةُ الفتنة في حده، ولعله تُرِك لهذه الوجوه كلها.
فجلد مِسْطَحَ بن أثاثة، وحسانَ بن ثابت، وحَمْنَةَ بنتَ جَحْشٍ، وهؤلاء من المؤمنين الصادقين تطهيرًا لهم وتكفيرًا، وترك عبد الله بن أبي إذن، فليس هو من أهل ذاك) (١).
وجملة القول: إن عبد الله بن أبي لم يكن أهلًا لإقامة الحد عليه وهو ممن أسرف في محاربة الله ورسوله، وقد توعده الله بعذاب عظيم، وأنزل في ذمه قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة.
[٧ - مشروعية الإقراع بين النساء في السفر وجواز خروجهن للغزو ومشاركتهن بذلك]
وهذا كما حدث يوم أحد، فكذلك حدث في غزوة بني المصطلق، إذ كانت القرعة من نصيب عائشة.
وقد مضى في حديث البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرًا قرع بين أزواجه (وفي لفظ عند ابن إسحاق: أقرع بين نسائه) فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه. فأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه).
(وفي رواية ابن إسحاق: فلما كانت غزوة بني المُصْطلق أقرع بين نسائه، كما كان