للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر المفسرون. فلما أوحى الله إلى لوط بمغادرة المكان لحلول العذاب خرج بأهله - وبقيت ولم يُعلمها - فكانت معهم من الهالكين.

وقوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)}.

فقد أمطرهم الله حجارة من سجيل كان فيها هلاكهم، وتلك عاقبة المصرين على ارتكاب الفواحش والموبقات وركوب معصية الله: البوار والهلاك.

وفي التنزيل:

١ - قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: ٨٢, ٨٣].

٢ - وقال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [النمل: ٥٨].

[فوائد هامة من ذكر قوم لوط وانحرافهم]

١ - الفائدة الأولى: تحريم الإسلام النظر إلى الأمرد الحسن لغير حاجة شرعية. فإن ذلك داخل تحت قوله تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: ١٩].

وتحت قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: ٣٠].

قال ابن الجوزي رحمه الله: (والفقهاء يقولون من ثارت شهوته عند النظر إلى الأمرد حرم عليه أن ينظر إليه، ومتى ادعى الإنسان أنه لا تثور شهوته عند النظر إلى الأمرد المستحسن فهو كاذب، وإنما أبيح على الإطلاق لئلا يقع الحرج في كثرة المخالطة بالمنع، فإذا وقع الإلحاح في النظر دل على العمل بمقتضى ثوران الهوى).

وقال سعيد بن المسيب: (إذا رأيتم الرجل يلح النظر إلى غلام أمرد فاتهموه).

وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [الحلال بَيِّنٌ، والحرام بيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهات، لا يعلمُها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كراع يرعى حول الحِمى يوشِكُ أن يواقِعَهُ، ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حِمى الله تعالى في أرضه محارمُه، ألا وإن في الجسد مُضغة، إذا صلحت صلح الجسدُ كُلُّه، وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>