للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا تأويل لطيف منسجم مع السياق والنصوص، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله تعالى: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ}. قال الحسن: (أي مُطْبَقَة). وقال مجاهد: (مغلقة). وهو من آصَدْت الباب: إذا أغلقته. وقد مضى تفصيل ذلك في سورة البلد. والمقصود: إن نار اللَّه الموقدة ستكون مطبقة على أهلها، مغلقة عليهم أبوابها، فلا سبيل لهم إلى الخروج منها.

وقوله تعالى: {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}. قيل: أي كائنين في عمد ممدّدة موثقين. وقال مقاتل: (أطبقت الأبواب عليهم ثم شدّت بأوتار من حديد، فلا يفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم رَوْح). وقال عطية العوفي: ({فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}: عَمَدٍ من حديد). وقال السُّدي: (من نار). وقال عكرمة عن ابن عباس: (يعني: الأبواب هي الممدودة). وقال قتادة: (في قراءة عبد اللَّه بن مسعود: {إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة}). فالفاء هنا بمعنى الباء. وقال العوفي، عن ابن عباس: (أدخلهم في عَمَد فمُدّت عليهم بعمَاد، في أعناقهم السلاسلُ فَسُدّت بها الأبواب). وقال أبو صالح: ({فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}: يعني القيودَ الطِّوال). وقال قتادة: (كنا نُحَدَّث أنهم يعذَّبون بعَمَدٍ في النار). واختاره ابن جرير.

قلت: والراجح من السياق أن المقصود تؤصد عليهم الأبواب ثم تمدد العمد على تلك الأبواب استيثاقًا في استيثاق، وإحكامًا في إحكام، وإطباقًا في إطباق، واللَّه تعالى أعلم.

تم تفسير سورة الهمزة بعون اللَّه وتوفيقه، وواسع منّه وكرمه عصر يوم السبت ٧ - ذي الحجة - ١٤٢٦ هـ الموافق ٧/ كانون الثاني/ ٢٠٠٦ م

[دروس ونتائج وأحكام]

١ - الهمز كاللّمز وزنًا ومعنى، واللمز في السر والهمز في العلن.

٢ - الحطمة اسم من أسماء النار، تحطم كل ما ألقي فيها.

٣ - يُحكم الإطباق على أهل النار، فلا سبيل لهم إلى الخروج منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>