للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصار). قال ابن كثير: (أي: إن يكفر بهذه النعم (١) من كَفَرَ بها من قريش وغيرهم من سائر أهل الأرض، من عَرَبٍ وعجم، ومِلّيين وكتابيِّين، فقد وكلنا بها قومًا آخرين، يعني: المهاجرين والأنصار وأتباعهم إلى يوم القيامة, {لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ}، أي: لا يجحدون شيئًا منها، ولا يَرُدّون منها حرفًا واحدًا، بل يؤمنون بجميعها: مُحْكَمِها ومُتَشَابهها، جعلنا الله منهم بمنِّه وكرمه وإحسانه).

وقيل: المقصود: الملائكة. وقيل بل المقصود: الأنبياء الثمانية عشر. واختاره ابن جرير.

قلت: والراجح ما ذهب إليه الحافظ ابن كثير، من أن المقصود مَنْ يحملُ رسالة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من أمته بعد استكبار كفار قريش وبعض العرب والملل عن ذلك، فيشمل المهاجرين والأنصار ومن جاء بعدهم ومضى على منهاجهم إلى يوم الدين، من جماعة الحق وطائفة المؤمنين حفظة هذا الدين.

أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن عمر رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أكرموا أصحابي فإنهم خياركم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب، حتى إن الرجل ليحلف ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، ألا من سرَّه بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهم، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن] (٢).

وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.

قال ابن عباس: (ثم قال في الأنبياء الذين سماهم في هذه الآية: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}).

والمعنى: هؤلاء أهل الهداية والمراتب الرفيعة عند الله - يا محمد - من إخوتك الأنبياء الذين سبقوك وكانوا على منهاج الحق والنبوة، فاقتد بهم في الطريق والمنهج فإن دين الأنبياء والمرسلين واحد.

أخرج البخاري في صحيحه عن ابن جريج قال: أخبرني سُليمان الأحْوَلُ: [أن


(١) يعني: النعم السابقة - الكتاب والحكم والنبوة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (١/ ١٧٧) من حديث عمر رضي الله عنه، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (٤٣١) بلفظ "أحسنوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>