للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦)} [لقمان].

قال ابن جرير: (فلطف بقدرته فهيأ أبصار خلقه هيئة لا تدركه، وخبرَ بعلمه كيف تدبيرها وشؤونها وما هو أصلح بخلقه).

وقال النسفي: {وَهُوَ اللَّطِيفُ} أي: العالم بدقائق الأمور ومشكلاتها. {الْخَبِيرُ} العليم بظواهر الأشياء وخفياتها، وهو من قبيل اللف والنشر).

١٠٤ - ١٠٧. قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١٠٥) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (١٠٦) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (١٠٧)}.

في هذه الآيات: أَمْرٌ من الله تعالى لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهؤلاء المشركين المكذبين بالله ورسوله: إنه قد جاءكم ما تبصرون به الهدى من الضلال، والحق من الباطل، فمن تبيّن هذه الحجج فآمن بالله وصدّق رسوله فإنما يختار حظ نفسه وسبيل سعادتها، ومن تنكر لهذه البراهين والدلالات فهو يضر نفسه ويوردها سبيل هلاكها، وما أنا بالذي يحصي عليكم أعمالكم إنما هو ربكم عز وجل، الذي لا يخفى عليه شيء من أحوالكم وأعمالكم. وهذه الآيات نتابع تصريفها وبيانها ولئلا يقولوا: درست - أي: قرأت أنت يا محمد، من كتب أهل الكتاب - وإنما هي آيات الله وحججه يوضحها لقوم يفهمون ويعقلون. اتبع يا محمد ما أمرك به ربك في وحيه ودع أمر المعاندين المكذبين، فإنه لا معبود يستحق العبادة وإخلاص التعظيم إلا الله، فأعرض عنهم واترك مجادلتهم وخصومتهم، فلو أراد ربك هدايتهم لكان ما أراد وإنما هو سبحانه أعلم بالشاكرين، وما أنت بقيم عليهم بل أرزاقهم وأقواتهم وآجالهم بيد الله خالقهم وهو على كل شيء حفيظ رقيب.

فقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ}.

قال قتادة: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ}، أي: بينة).

<<  <  ج: ص:  >  >>