سنين). وقال سعيد أيضًا:(هم أهل الكتاب، بعث الله عليهم العرب يجبُونهم الخراجَ إلى يوم القيامة، فهو سوء العذاب. ولم يجب نبىٌّ الخراجَ قطُّ إلا موسى - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة سنةً، ثم أمسك، وإلا النبي - صلى الله عليه وسلم -).
والخلاصة: لقد بعث الله تعالى - أو أقسم بأن يبعث - على اليهود من أهل العصيان والمخالفة والاحتيال على أوامره ودينه وشرعه، من يذيقهم سوء العذاب ببأس أو جزية أو إذلال أو قهر وغير ذلك، فضرب موسى عليهم الخراج، كما ذُكر، ثم كانوا في قهر الملوك من اليونانيين والكُشْدانيين والكُلْدانيين، ثم صاروا في قهر النصارى وإذلالهم إياهم، وأَخْذِهم منهم الجزية والخراج. ثم كانوا تحت سلطان النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكانوا تحت خُفَارته وذِمّته يؤدّون الخراج والجزية، وقد أجلى منهم بني قينقاع وبني النضير، وقتل بني قريظة في قصص من الذل كتبها الله عليهم، ويبقى الإذلال الأكبر في آخر الزمان حين يأتمرون بقائدهم الدجال وينزلون تحت لوائه، فيبعث الله لهم جيشًا يقوده المهدي - عليه السلام - آخر خلفاء هذه الأمة - مع عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام حين ينزل في دمشق، فيَفرّون نحو بيت المقدس، فيلحقهم جيش الإسلام ويقتل عيسى - صلى الله عليه وسلم - المسيح الدجال بباب لدّ، وينطق الحجر والشجر إكرامًا من الله للمؤمنين لكشف مخابئ اليهود، فتشترك الطبيعة بإذن الله في فرحة النصر وإذلال يهود المكر وسحقهم إلى غير رجعة.
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:[لا تقوم الساعةُ حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يَخْتَبِئَ اليهودي من وراء الحجَر أو الشجر، فيقول الحَجَرُ أو الشَّجَرُ: يا مسلمُ! يا عَبْد الله! هذا يهودي خلفي، فتعال فاقْتُله، إلا الغَرْقَدَ، فإنه من شجَر اليهود](١).
قلت: والآية تحتمل في دلالتها الدلالة على عذاب القبر أيضًا، فهو عذاب على العصاة الذين ماتوا على معصيتهم ولم يتوبوا منها، وربما كانوا في ذلك إلى يوم القيامة، ومن لم يقض ما عليه ربما تلفحه نار جهنم والعياذ بالله، ولا شك أن المشركين والكفار يبدأ عذابهم بعد دفنهم في قبورهم، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٩٢٢) - كتاب الفتن. والحديث علامة قادمة من علامات الساعة.