للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القرطبي: (يعني أنهم استقصروا طول مقامهم في القبور لهول ما يرون من البعث، دليله قولهم: {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [الكهف: ١٩]. وقيل: إنما قصرت مُدّة لبثهم في الدنيا من هول ما استقبلوا لا مدة كونهم في القبر). قلت: وصرفها إلى مدة لبثهم في الدنيا أرجَح.

وفي التنزيل:

١ - قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: ٣٥].

٢ - وقال تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: ٤٦].

٣ - وقال تعالى: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (١٠٢) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} [طه: ١٠٢ - ١٠٤].

٤ - وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الروم: ٥٥].

وقوله تعالى: {يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} - فيه أقوال متكاملة:

١ - قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ويوم نحشر هؤلاء المشركين فنجمعهم في موقف الحساب، كأنهم كانوا قبل ذلك لم يلبثوا إلا ساعة من نهار يتعارفون فيما بينهم، ثم انقطعت المعرفة، وانقضت تلك الساعة).

٢ - وقال ابن كثير: (وقوله: {يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} أي: يعرفُ الأبناءُ والآباءُ والقراباتُ بعضهم بعضًا، كما كانوا في الدنيا، ولكن كُلٌّ مشغولٌ بنفسه، {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١]، وقال تعالى: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلَّا} [المعارج: ١٠ - ١٥]).

٣ - وقيل: وهذا التعارف تعارف توبيخ وافتضاح، ويقول بعضهم لبعض: أنت أضللتني وأغويتني وحملتني على الكفر، وليس تعارف شفقة ورأفة وعطف. ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا أهوال يوم القيامة كما قال: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} [المعارج: ١٠]. وقيل: يبقى تعارف التوبيخ، قال القرطبي: (وهو الصحيح لقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ} - إلى قوله -: {وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سبأ: ٣٣]. وقوله: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: ٣٨]، وقوله: {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>