للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاةٌ لهم في دينهم ودنياهم، ومع هذا ما آمن أكثر الناس).

قلت: والآية في ذم الكثرة الضائعة، فإن القلة المؤمنة ممدوحة وعليها يعول. وفي التنزيل:

١ - قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: ١١٦].

٢ - قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: ٨].

وفي صحيح مسلم عن عمير بن هانئ قال: سمعت معاوية على المنبر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرُّهم مَنْ خَذَلَهم أو خالفهم، حتى يأتي أمرُ الله وهم ظاهرون على الناس] (١).

وقوله تعالى: {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}.

أي: وإنك لا تسألهم - يا محمد - على دعوتك لهم ونصحك لنجاتهم في الدنيا والآخرة أجرًا أو مالًا، وإنما تبتغي من وراء ذلك رضوان الله، وإن هو إلا ذكر لهم ليتذكروا ويتعظوا وليكونوا من الناجين.

وقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}.

قال القاسمي: (أي: وكم من آية على وحدانية الخالق، وقدرته الباهرة، ونعوته الجليلة، في السماوات: من كواكبها وأفلاكها، وفي الأرض: من قطع متجاورات، وحدائق وجنات، وجبال راسيات، وبحار زاخرات، وقفار شاسعات، وحيوان ونبات، وثمار مختلفات، وأحياء، وأموات، يشاهدونها، ولا يعتبرون بها).

وقوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}.

قال ابن عباس: (من إيمانهم، إذا قيل لهم: من خلق السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: "الله"، وهم مشركون). وقال عكرمة نحوه: (فذلك إيمانهم بالله، وهم يعبدون غيره). وعن قتادة قال: (إنك لست تلقى أحدًا منهم إلا أنبأك أن الله ربه، وهو الذي خلقه ورزقه، وهو مشرك في عبادته).

وعن الضحاك قال: (كانوا يشركون به في تلبيتهم). وعن ابن عباس: (ولئن


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٠٣٧) - كتاب الإمارة -، وانظر (١٩٢١)، (١٩٢٣) من الباب نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>