للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاسمي: ({أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أي: تستعملون عقولكم، فتعلموا أن الآخرة خير، أو تعلموا كيف عاقبة أولئك).

وفي التنزيل: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر: ٥١، ٥٢].

وأضاف الدار إلى الآخرة نحو قولك صلاة الأولى، ومسجد الجامع، وبارحة الأولى. والتقدير على قول البصريين: ولدار الحال الآخرة خير، ولا شك أن المقصود الجنة.

وفي صحيح البخاري عن جابر قال: [جاءت ملائكة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: العين نائمة والقلب يقظان. فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلًا فاضربوا له مثلًا. فقالوا: مثله مثل رجل بنى دارًا وجعل فيها مأدبة وبعث داعيًا. فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة. فقالوا: أوِّلوها له يفقهها. فقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان. الدار الجنة، والداعي محمد. فمن أطاع محمدًا فقد أطاع الله، ومن عصى محمدًا فقد عصى الله، ومحمد فرَّق بين الناس] (١).

وقوله: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}.

إِخْبَارٌ من الله تعالى أنه ينزل نصره وفرجه على رسله حالة اشتداد الضيق وحصول العنت، وتطلع القلوب المؤمنة إلى الله بالفرج واليسر بعد العسر.

وفي قوله {كُذِبُوا} قراءتان:

١ - القراءة الأولى بالتخفيف، {كُذبوا} وهي قراءة ابن عباس، وأهل المدينة والكوفة.

٢ - القراءة الثانية بالتشديد، {كُذِّبوا}، وهي قراءة عائشة رضي الله عنها، وأهل الشام.

فعلى القراءة الأولى يكون التأويل على عدة أقوال:

١ - قال ابن عباس: (لما أيست الرسل أن يستجيب لهم قومُهم، وظنَّ قومهم أن


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه (٧٢٨١)، وانظر كتابي: أصل الدين والإيمان - عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان (٢/ ٧٨٢ - ٧٨٣) لمزيد من التفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>