ليخرج قومه من الظلمات إلى النور، وليذكرهم بأنعم الله عليهم، وفي هذا التذكير دلالات لكل صبار شكور.
فقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}.
قال ابن كثير: (هذا مِنْ لُطْفِهِ تعالى بخلقه أَنَّهُ يرسل إليهم رُسُلًا منهم بلغاتهم لِيفهمُوا عنهم ما يريدونه وما أُرسلوا به إليهم).
وعن قتادة: ({لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}، الذي أرسل إليهم، ليتخذ بذلكَ الحجة).
وفي مسند الإمام أحمد عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لم يبعث الله تعالى نَبِيًّا إلا بلغةِ قومهِ] (١).
وقوله: {فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
قال النسفي: ({فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ} من آثر سبب الضلالة، {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} من آثر سبب الاهتداء {وَهُوَ الْعَزِيزُ} فلا يغالب على مشيئته {الْحَكِيمُ} فلا يخذل إلا أهل الخذلان).
وقوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}.
قال مجاهد: ({وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا}، قال: التسع البيّنات). وفي لفظ قال: (التسع الآيات، الطوفان وما معه).
وعن ابن عباس: ({أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، يقول: من الضلالة إلى الهدى).
وقوله: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّه}. قال مجاهد: (بأنعم الله)، أو قال: (بنعم الله)، وقال: (بالنعم التي أنعم بها عليهم، أنجاهم من آل فرعون، وفلق لهم البحر، وظلَّلَ عليهم الغمام، وأنزل عليهم المنّ والسَّلوى).
وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.
قال قتادة: (نعم العبد عبدٌ إذا ابتلي صبر، وإذا أُعطيَ شكر).
(١) حديث صحيح. أخرجهُ أحمد (٥/ ١٥٨)، وقال الهيثمي في "المجمع" (١١٠٩٥): (رجاله رجال الصحيح). والحديث يشهد له القرآن - انظر صحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٥٠٧٣).