أي: استسلم المشركون لعذاب الله وخضعوا لِعِزِّه، وزال عنهم ما كان من تزيين الشيطان لهم في شفاعة آلهتهم، وخاب ما كانوا يؤمّلون من ذلك. قال قتادة:({وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} يقول: ذلوا واستسلموا يومئذ).
وقوله تعالى:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}. قال القاسمي:(أي يضاعف لهم العذاب كما ضاعفوا كفرهم بصدهم غيرهم عن الإيمان، كقوله تعالى:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}[الأنعام: ٢٦]. وفي الآية دليل على تفاوت الكفار في عذابهم، كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ودرجاتهم. كما قال تعالى:{لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ}[الأعراف: ٣٨]).
في هذه الآيات: اختصاص الله تعالى نبيّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالشهادة على الأمم، وبالقرآن المبين الذي يحمل الهدى والرحمة والبشرى للمسلمين أولي الهمم. وأمْرُ الله تعالى عباده المؤمنين بالعدل والإحسان، وتحذيرهم الفواحش والموبقات والطغيان، وتنبيههم على تعظيم أمر الأَيمان، فإليه يرجع يوم القيامة جميع الأنام.
فقوله:{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ}. تشريف من الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في اختصاصه برفيع المقام يوم حشر الخلائق،