للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: حسبك الآن. فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان] (١).

وقوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}. قال مجاهد: (مما أحل وحرّم). أو قال: (ما أمر به، وما نهى عنه). وقال ابن مسعود: (أنزل في هذا القرآن كل علم وكل شيء، فقد بيّن لنا في القرآن، ثم تلا هذه الآية). وقول ابن مسعود أشمل لمعنى الآية، فالقرآن مشتمل على كل ما يحتاج إليه العباد من معرفة أمر دينهم ودنياهم، ومعاشهم ومعادهم.

وقوله: {وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}. قال ابن جرير: ({وَهُدًى} من الضلالة {وَرَحْمَةً} لمن صَدَّق به، وعمل بما فيه من حدود الله، وأمره ونهيه، فاحل حلاله، وحرّم حرامه {وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} يقول: وبشارة لمن أطاع الله وخضع له بالتوحيد، وأذعن له بالطاعة، يبشره بجزيل ثوابه في الآخرة، وعظيم كرامته).

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}. أَمْرٌ من الله بالقسط، وندب إلى الإحسان، وصلة القرابة والأرحام. وعن ابن عباس: ({إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ}، قال: شهادة أن لا إله إلا الله). وقال سفيان بن عُيينة: (العدل في هذا الموضع هو استواء السريرة والعلانية من كلِّ عاملٍ لله عملًا. والإحسان أن تكون سريرتُه أحسنَ من علانيته. والفحشاء والمنكر أن تكون علانيته أحسنَ من سريرته).

وفي التنزيل حثٌّ على الإحسان وصلة الأرحام:

١ - قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: ٤٠].

٢ - وقال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: ١٢٦].

٣ - وقال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: ٢٦].

ومن صحيح السنة العطرة في ذلك أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة قال: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٠٥٠)، وأخرجه مسلم (٨٠٠)، وأخرجه أحمد (١/ ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>