هذه السورة نزلت قبل الهجرة، وكذلك وقع، فإن أهل مكة هموا بإخراج الرسول منها، كما قال تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (٧٦) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (٧٧)} [الإسراء: ٧٦, ٧٧]).
وقوله تعالى:{وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا}. أي قلنا من بعد فرعون لبني إسرائيل اسكنوا الأرض التي أراد فرعون أن يستفزكم منها فإذا كان يوم القيامة جئنا بكم وبعدوكم جميعًا. قال ابن عباس:(جميعًا). وقال قتادة:(أي جميعًا، أولكم وآخركم). قال النسفي:{جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} جمعًا مختلطين إياكم وإياهم، ثم نحكم بينكم ونميز بين سعدائكم وأشقيائكم، واللفيف الجماعات من قبائل شتى).
في هذه الآيات: ثناءُ الله تعالى على القرآن، وعلى مهمة النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى الذين أوتوا العلم الذين يخرون سجدًا عند سماع آيات الرحمان.
فقوله:{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ}. قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: وبالحق أنزلنا هذا القرآن، يقول: أنزلناه نأمر فيه بالعدل والإنصاف والأخلاق الجميلة، والأمور المستحسنة الحميدة، وننهى فيه عن الظلم والأمور القبيحة، والأخلاق الردية، والأفعال الذميمة. {وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} يقول: وبذلك نزل من عند الله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -).
وفي التنزيل:{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}[النساء: ١٦٦].
قال ابن كثير:(أي متضمنًا، علْمَ الله الذي أراد أن يُطْلِعَكُم عليه، من أحكامه وأمره ونهيه).
وفي معجم الطبراني بسند صحيح عن جبير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أبشروا