على التوسط في رفع الصوت بالقرآن لئلا يناله المشركون. وخَتْمُ السورة بتنزيهه تعالى عما يصفه به المبطلون.
قال ابن كثير:(يقول تعالى: {قُلِ} يا محمد، لهؤلاء المشركين المنكرين صفة الرحمة لله عز وجل، المانعين من تسميته بالرحمن:{ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}، أي: لا فرقَ بين دعائكم له باسم {اللَّهَ} أو باسم {الرَّحْمَنَ}، فإنه ذو الأسماء الحسنى).
وقوله:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}. له سبب للنزول أو أكثر في صحيح السنة:
ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله تعالى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} قال: [نزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختف بمكة، كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع المشركون سبُّوا القرآن ومَنْ أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} أي بقراءتك، فيسمع المشركون فيسبوا القرآن، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} عن أصحابك فلا تسمعهم، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}] (١).
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قال:[أنزل ذلك في الدعاء].
وأخرج ابن جرير وابن إسحاق بسند حسن عن ابن عباس قال: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرقوا عنه وأبَوا أن يستمعوا منه، فكان الرجل إذا أراد أن يستمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض ما يتلو وهو يُصلي، استرق السمع دونهم فَرَقًا منهم، فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهَبَ خشيةَ أذاهم فلم يستمع. فإن خفضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته لم يسمع الذين يستمعون من قراءته شيئًا، فأنزل الله - عز وجل - {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} فيتفرَّقوا عنك، {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} فلا تُسمع من أراد أن يسمَعَها ممن يسترق