٣ - وقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: ١٠٥ - ١٠٧]. قال ابن كثير:(يقول تعالى: إنه تذهب الجبالُ، وتتساوى المهادُ، وتبقى الأرض {قَاعًا صَفْصَفًا}، أي: سطحًا مستويًا لا عِوجَ فيه، {وَلَا أَمْتًا}، أي: لا وادي ولا جبل. ولهذا قال تعالى:{وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً}، أي: باديةً ظاهرة، ليس فيها مَعْلم لأحد ولا مكان يوارِي أحدًا، بل الخلق كلهم ضاحون لربهم، لا تخفى عليه منهم خافية).
وقوله:{وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا}. أي: جمعناهم لموقف الحساب فلم نترك أحدًا منهم تحت الأرض صغيرًا ولا كبيرًا، ذكرًا ولا أنثى.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:[يحشر الناس يوم القيامة حُفاةً عُراةً غُرْلًا. قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: يا عائشة: الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض](١).
وقوله:{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا}. قال النسفي:(مصطفين ظاهرين ترى جماعتهم كما ترى كل واحد لا يحجب أحد أحدًا، شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان).
وقوله:{لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} - تقريع بالمشركين المنكرين لهذا المشهد على رؤوس الأشهاد، وتوبيخ لكل من كفر بالمعاد.
(١) حديث صحيح. انظر مختصر صحيح مسلم - حديث رقم - (١٩٥٠)، وقوله: "غُرْلًا" - أي: دون ختان كما خلقهم الله، ورواه البخاري.