للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: [كتبَ الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعَرْشُه على الماء] (١).

٩٩ - ١٠٤. قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (١٠٠) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (١٠١) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (١٠٢) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (١٠٤)}.

في هذه الآيات: تسليةٌ من الله تعالى لنبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم - في ذكره أخبار ما سبق، وأنَّ من أعرض عن قبول هذا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة يحمل إثمًا عظيمًا. وفي النار يكون من الخالدين، فبئس الحمل وبئس المستقر. إنه يوم ينفخ في القَرْن نفخة القيام تحشر الملائكة المجرمين يومئذ زرق العيون من شدة الأهوال، فيقول بعضهم لبعض ما لبثتم في الدنيا إلا قليلًا، عشرة أيام أو نحوها. فيقول أوفاهم عقلًا بل لبثتم يومًا واحدًا.

فقوله تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا}.

قال القرطبي: (أي كما قصصنا عليك خبر موسى {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ} قصصًا كذلك من أخبار ما قد سبق، ليكون تسلية لك، وليدل على صدقك. {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} يعني القرآن. وسمى القرآن ذكرًا، لما فيه من الذكر كما سمى الرسول ذكرًا، لأن الذكر كان ينزل عليه. وقيل: {آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} أي شرفًا، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ} [الزخرف: ٤٤] أي شرف وتنويه باسمك).

وقوله تعالى: {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا}. قال مجاهد: (إثمًا). والمعنى: من تولى وأدبر عن قبول هذا القرآن وجعله منهجًا له في حياته فإنه يأتي يوم القيامة يحمل إثمًا عظيمًا.

وقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} أي: خالدين في النار بأوزارهم فبئسما حملوا. قال ابن عباس: ({وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} يقول: بئسما حملوا. قال:


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٦٥٣) - كتاب القدر، وبنحوه في مسند أحمد بلفظ (قَدَّرَ الله المقادير)، وفي معجم الطبراني بلفظ: (فرغ الله من المقادير وأمور الدنيا).

<<  <  ج: ص:  >  >>