إلا أنَّهُ لا إله لكم يجوز أن يُعبدَ إلا إلهٌ واحدٌ، لا تصلحُ العبادة إلا له، ولا ينبغي ذلكَ لغيره. {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} يقول: فهل أنتم مذعنون لهُ أيها المشركون، العابدون الأوثان والأصنام بالخضوع لذلك، ومتبرئون من عبادة ما دونه من آلهتكم).
وقوله:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ}. قال ابن جريج:(فإن تولوا يعني قريشًا). قال القرطبي:(أي إن أعرضوا عن الإسلام {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي أعلمتكم على بيان أنا وإياكم حرب لا صلح بيننا).
والمقصود: إعلان البراءة من القوم إن أصروا على الجاهلية واجتناب الإسلام.
وقوله:{وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ}. قال ابن جريج:(الأجل).
والمقصود: إخبار الله تعالى نبيّهُ - صلى الله عليه وسلم - ليقول لقومه المعاندين: إن الوقت والأجل الذي يحل به عقاب الله بكم لا أعلمه، وربما كان قريبًا أو يؤخره تعالى بحكمته إلى أجل أبعد، فالأمر راجع إلى مشيئته وحكمته جلت عظمته وقدرته، وإنما أنا لكم نذير.
وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:[مثلي ومثلُ ما بعثني اللهُ بهِ كمثل رجل أتى قومًا، فقال: يا قوم إني رأيتُ الجيش بعيني، وإني أنا النذيرُ العُريان، فالنجاءَ النجاءَ، فأطاعهُ طائفةٌ مِنْ قومهِ، فأدلجوا، وانطلقوا على مهلِهم فنجوا، وكذبته طائفةٌ منهم، فأصبحوا مكانَهم، فَصَبَّحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم، فذلكَ مَثَلُ من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثلُ من عصاني وكذّب بما جئت بهِ من الحق](١).