قال ابن جرير:(يقول جل ثناؤه: وأحلّ الله لكم أيها الناس الأنعام، أن تأكلوها إذا ذكَّيتموها، فلم يحرّمِ عليكم منها بحيرة، ولا سائبة، ولا وصيلة، ولا حاميًا، ولا ما جعلتموه منها لآلهتكم {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} يقول: إلا ما يتلى عليكم في كتاب الله، وذلك: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهلّ لغير الله به، والمنخنقة، والموقوذة، والمتردّية، والنطيحة، وما أكل السبع، وما ذُبح على النُصب، فإن ذلك كله رجس).
وقوله:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}. قال ابن عباس:(يقول تعالى ذكره: فاجتنبوا طاعة الشيطان في عبادة الأوثان). أي: فعبادة الأوثان هي الرجس من ذلك.
وقوله:{وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}. أي: واحذروا قول الكذب وما هو افتراء على الله.
وعن ابن عباس:({وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} يعني: الافتراء على الله والتكذيب).
وعن عاصم، عن وائل بن ربيعة، عن عبد الله، قال:(تعدل شهادة الزور بالشرك، وقرأ:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}).
وفي الصحيحين وسنن الترمذي عن أبي بَكْرَةَ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ألا أُنَبِّئكُمُ بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى، يا رسول الله. قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين -وكان مُتَّكِئًا فجَلَسَ- فقال: ألا وقولُ الزور، ألا وشهادةُ الزور. فما زال يكرِّرُها، حتى قلنا: ليته سكتَ](١).
وقوله:{حُنَفَاءَ لِلَّهِ}. أي مستقيمين على الإخلاص لله وتوحيده وتعظيم شرعه. و {حُنَفَاءَ} نصب على الحال.
وقوله:{غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}. أي: لا تدعون مع الله إلهًا غيره. فله العبادة وله الكبرياء وحده لا شريك له.
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٥٩٧٦)، وأخرجه مسلم (٨٧)، وأخرجه الترمذي (١٩٠١).