في هذه الآيات: إبطالُ الله وساوس وأماني الشيطان من دعوة الرسل، وجعل تلك الأماني والوساوس فتنة للشاكين المنافقين والقاسية قلوبهم، ففي إنزال إلله آيات القرآن ونسخ ما ألقى الشيطان تثبيت للمؤمنين، ودحض لأمنيات المبطلين، والله يهدي المؤمنين إلى صراط مستقيم.
قال البخاري:(وقال ابن عباس في {إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}: إذا حَدَّثَ ألقى الشيطان في حديثه، فيُبْطِلُ الله ما يكقي الشيطان ويُحْكِمُ آياته، ويُقال أُمْنِيَّتُهُ قِراءتُه، {إِلَّا أَمَانِيَّ}[البقرة: ٧٨]: يقرؤون ولا يكتبون)(١).
وقال القاسمى:({إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} أي رغب في انتشار دعوته، وسرعة علوّ شرعته {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} أي بما يصد عنها، ويصرف المدعوّين عن إجابتها {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} أي يبطله ويمحقه {ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} أي يثبتها {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}. {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} يعلم الإلقاءات الشيطانية، وطريق نسخها من وجه وحيه {حَكِيمٌ} يحكم آياته بحكمته).
قلت: وأما ما ذكر المفسّرون عند هذه الآية من قصة الغرانيق: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
(١) انظر صحيح البخاري، كتاب التفسير، سورة الحج، الحاشية.