للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: (يعني: أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد لِكَرامَتِهمِ علينا ومَعَزَّتهم عندنا؟ ! كلَّا، ليس الأمر كما يزعمون في قولهم: {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [سبأ: ٣٥]، لقد أخطؤوا في ذلك وخاب رجاؤهم، بل إنما نفعل بهم ذلك استدراجًا وإنظارًا وإملاءً، ولهذا قال: {بَلْ لَا يَشْعُرُونَ}).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٥٥)} [التوبة: ٥٥].

٢ - وقال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥)} [القلم: ٤٤، ٤٥].

٣ - وقال تعالى: وَ {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٧٨)} [آل عمران: ١٧٨].

ومن صحيح السنة المطهرة في ذلك أحاديث:

الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد بسند قوي عن عقبة بن عامر مرفوعًا: [إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)}] (١).

الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنَّ الله لَيُمْلي للظالم حتى إذا أخذه لمْ يُفْلِتْهُ، قال: ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: ١٠٢] (٢).

الحديث الثالث: خرّج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنَّ الله لا يَظْلِمُ مؤمنًا حسنة، يُعطي بها في الدنيا ويَجْزي بها في الآخرة، وأما


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ١٤٥)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤١٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٦٨٦)، ومسلم (٢٥٨٣)، والترمذي (٣١١٠)، وابن ماجة (٤٠١٨)، وأخرجه ابن حبان (٥١٧٥)، والبيهقي (٦/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>