أخرج الترمذي وابن ماجة بسند حسن عن أنس:[أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على شاب وهو بالموت، فقال: كيف تجدك؟ قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن، إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمنه مما يخاف](١).
في هذه الآياتِ: التكاليف الشرعية متحملة، وكتاب الأعمال دقيق ينطق بصغائر الأعمال وكبارها، والقوم في غفلة عن مصيرهم، وإنما يستجيرون ويستغيثون عند نزول الهلاك بهم.
فقوله:{وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
فيه دليل أن التكاليف الشرعية هي في حدود سعة الإنسان، وأن الشرائع التي أمر الله بها يطيق العبد حملها والقيام بها.
ذكر الشاطبي في "الموافقات": (أن المشقة الشرعية لا يجوز دفعها لأنَّها دفع للتكليف). واستدل بقوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}[العنكبوت: ١٠].
وذلك بعد قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢)} [العنكبوت: ٢].
(١) إسناده حسن. أخرجه الترمذي (٩٩٤)، وابن ماجة (٤٢٦١). وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص ٢٤)، وانظر صحيح سنن الترمذي (٧٨٣)، وصحيح ابن ماجة (٣٤٣٦).