في هذه الآية: نَعْتُ الله سبحانه -هادي أهل السماوات والأرض، ومنورهما- لقلب المؤمن المشعّ بنور الوحي العظيم، في نموذج رائع من التمثيل، وضرب رفيع من التشبيه، يعجز أهل الأرض ولو اجتمعوا على الإتيان بمثله، والله بكل شيء عليم.
فعن ابن عباس:({اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} يقول: الله سبحانه هادي أهل السماوات والأرض). وقال مجاهد فيها:(يدبِّر الأمر فيهما، نجومِهما وشمسِهما وقَمَرِهما). وعن أبي العالية عن أبي بن كعب في قول الله:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال: (فبدأ بنور نفسه، فذكره، ثم ذكر نور المؤمن فقال:{مَثَلُ نُورِهِ}، يقول: مثل نور المؤمن).
وفي لفظ:(يقول: مَثَلُ نور مَنْ آمن به. قال. هو عبد جعل الله القرآن والإيمان في صدره).
وكذلك قال سعيد بن جبير -والضحاك-: ({مَثَلُ نُورِهِ}: قال: مثل نور المؤمن).
وهذا هو التأويل الأول للآية.
التأويل الثاني: قيل بل عني بالنور محمد - صلى الله عليه وسلم -، والهاء في قوله:{مَثَلُ نُورِهِ} عائدة على اسم الله.
روي ذلك عن كعب قال:{مَثَلُ نُورِهِ}: مثل محمد - صلى الله عليه وسلم -، كمشكاة).
التأويل الثالث: قيل بل المراد بالنور هدى الله وبيانه، وهو القرآن، والهاء من ذكر الله.
قال ابن عباس:{مَثَلُ نُورِهِ}: مثلُ هداهُ في قلب المؤمن). وقال الحسن:(مثل هذا القرآن في القلب، كمشكاة). وقال ابن زيد:(نور القرآن الذي أنزل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعباده، هذا مثل القرآن {كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}).
قلت: ولا شك أن نوره تعالى هذا الوحي العظيم وهدي نبيّه الكريم يشع في قلب