للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلجؤوا إليه دومًا بالرجاء والدعاء ويفردوه بالتسبيح والتعظيم.

وقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ}. إشارة جديدة إلى عظمته تعالى وقدرته العجيبة، فهو خلق كل أنواع مخلوقاته على اختلاف ألوانها وحجومها وأشكالها وطريقة تحركها من ماء واحد. قال النسفي: (أي من نوع من الماء مختص بتلك الدابة، أو من ماء مخصوص وهو النطفة).

وقوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}. أي: ثم فاضل بينها في طريقة حركتها، فالحية تمشي على بطنها، والإنسان والطير على رجلين، والأنعام وسائر الحيوانات كل يمشي على أربع، إن في ذلك لآية كبيرة على بديع قدرته سبحانه واستحقاقه العبادة وحده لا شريك له.

وقوله: {يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. أي: ويُحدث الله ما يشاء من الخلق مما هو أعجب وأدق فلا حدود لقدرته وهو على كل شيء قدير.

وقوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. إرشادٌ منه تعالى إلى تدبر آيات قرآنه وفهم بدائع هذه الحكم والأمثال والعبر التي أودعها كتابه، ثم من استحق الهداية فإنه تعالى يوفقه لها ويجعله على صراط مستقيم.

٤٧ - ٥٢. قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٥٢)}.

في هذه الآيات: ذكْر بعض صفات المنافقين، يُعلنون الإيمان وما هم بمؤمنين، ويعرضون عن التحاكم لله ورسوله وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين. وأما المؤمنون فيخبتون لله ويرضون بحكمه وحكم رسوله وأولئك هم الفائزون.

فقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>