للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطاء: (فذلك على كل صغير وصغيرة أن يستأذن). وقوله: {ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}. أي: لبستأذنوا في ثلاثة أوقات من ساعات ليلكم ونهاركم. قال ابن عباس: (يقول: إذا خلا الرجل بأهله بعد صلاة العشاء، فلا يدخل عليه خادم ولا صبيّ إلا بإذن، حتى يصلِّي الغداة، فإذا خلا بأهله عند صلاة الظهر فمثل ذلك).

وقوله: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ}. العورات هنا الساعات التي تكون فيها العَورة، والمعنى: هذه الخصال أو الأحوال ثلاث عورات في هذه الأوقات. قال ابن كثير: (فيؤمر الخدم والأطفال ألا يَهْجُموا على أهل البيت في هذه الأحوالى، لما يُخشى مني أن يكون الرجلُ على أهله، أو نجو ذلك من الأعمال، ولهذا قال: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ}، أي: إذا دخلوا في غير هذه الأحوال فلا جُناح عليكم في تمكينكم إياهم من ذلك، ولا عليهم إذا رأوا شيئًا في غير تلك الأحوال، لأنه قد أذِنَ لهم في الهجوم، ولأنهم {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ}، أي: في الخدمة وغير ذلك).

وقوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ}. قال ابن عباس: (ثم رخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير إذن، يعني فيما بين صلاة الغداة إلى الظهر، وبعد الظهر إلى صلاة العشاء، أنه رخص لخادم الرجل والصبي أن يدخل عليه منزله بغير إذن، قال: وهو قوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} فأما من بلغ الحلُم، فإنه لا يدخل على الرجل وأهله إلا بإذن على كل حال).

وقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. قال ابن جرير: (يقول جل ثناؤه: كما بينت لكم أيها الناس أحكام الاستئذان في هذه الآية، كذلك يبين الله لكم جميع أعلامه (١)، وأدلته وشرائع دينه. {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} يقول: والله ذو علم بما يصلح عباده، حكيم في تدبيره إياهم، وغير ذلك من أموره).

وقوله: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}. قال ابن عباس: (أما من بلغ الحُلُم، فإنه لا يدخل على الرجل وأهله، يعني من الصبيان الأحرار، إلا بإذن على كل حال). وقال عطاء: (واجب على الناس أجمعين أن يستأذنوا إذا احتلموا، على من كان من الناس). وقال ابن شهاب عن ابن المسيب: (يستأذن الرجل على أمه). وقوله: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ}. قال ابن


(١) هكذا وقع في تفسير الطبري، ولعل الأصح "أحكامه" بدل "أعلامه".

<<  <  ج: ص:  >  >>