للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (٧٧)}.

في هذه الآيات: إخبارُ الله تعالى عن جزيل الثواب وحسن الاستقبال لأولئك العباد المتقين في جنات النعيم، التي حسنت مستقرًا ومنزلًا للصالحين، وجزاء التكذيب الخزي والمذلة للمكذبين في الدارين.

فقوله: {أُولَئِكَ} خبر للمبتدأ {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} في بداية الآيات، وما تخلل بين المبتدأ وخبره أوصافهم من التحلي والتخلي، وهي إحدى عشرة -كما ذكر القرطبي-: (التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك الإسراف والإقتار، والنزاهة عن الشرك، والزنى والقتل، والتوبة وتجنب الكذب، والعفو عن المسيء، وقبول المواعظ، والابتهال إلى الله).

وقوله: {يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ}. قال ابن جرير: (يقول: يثابون على أفعالهم هذه التي فعلوها في الدنيا {الْغُرْفَةَ} وهي منزلة من منازل الجنة رفيعة).

وقال القرطبي:"الغُرْفة" الدرجة الرفيعة وهي أعلى منازل الجنة وأفضلها كما أن الغرفة أعلى مساكن الدنيا. حكاه ابن شجرة). وعن الضحاك: (الغرفة: الجنة). وقال السدي: (سُمِّيت بذلك لارتفاعها).

وقوله: {بِمَا صَبَرُوا}. قال محمد بن علي بن الحسين: ({بِمَا صَبَرُوا} على الفقر والفاقة في الدنيا). وقال الضحاك: ({بِمَا صَبَرُوا} عن الشهوات).

قلت: والمقصود أعم من ذلك، فإنهم أثيبوا على صبرهم على إقامة الدين ومقارعة الطغاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقوله: {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا}. أي يستقبلون في الجنة بالتحية والسلام في توقير مستمر. قال ابن كثير: (أي يُبْتَدَرُون فيها بالتحية والإكرام، وَيُلَقَّون التوقير والاحترام، فلهم السلام وعليهم السلامُ).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: ٢٣، ٢٤].

٢ - وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: ٧٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>