قال ابن مسعود:(فسوف يلقون لزامًا يوم بدر). وقال أبي بن كعب:(هو القتل يوم بدر). وقال ابن زيد:(اللزام: القتال. فسوف يكون قتالًا). وعن ابن عباس:(قال: موتًا). وقال الحسن البصري:({فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا}، يعني: يوم القيامة).
قُلْتُ: ولا تعارض بين القولين، فإن المقصود أن تكذيب الكافرين ستلزمهم تبعاته، سواء في الإهانة والمذلة بالقتل والسبي في الدنيا، أو بالفضيحة والخزي وعذاب الحريق يوم القيامة.
ويجمع هذه المعاني كلها ما رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال:[يا عبادي إني حَرّمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم مُحَرَّمًا فلا تظالموا، يا عبادي كُلّكُم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أَكْسُكُمْ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرّي فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخْيطُ إذا أُدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم، أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسه](١).
تمَّ تفسير سورة الفرقان بعون الله وتوفيقه، وواسع منِّه وكرمه.
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٨/ ١٧)، وأخرجه أحمد في المسند (٥/ ١٦٠).