أي: إن في احتجاج إبراهيم على قومه بحجج الوحي البالغة أنه لا إله إلا الله، وأن من قلّد قوم إبراهيم في شركهم مآله كمآلهم يكبكبون في النار مع جنود إبليس أجمعين، {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}. قال ابن جرير:(وما كان أكثرهم في سابق علمه مؤمنين. وإن ربك يا محمد لهو الشديد الانتقام ممن عبد دونه ثم لم يتب من كفره حتى هلك، الرحيم بمن تاب منهم أن يعاقبه على ما كان سلف منه قبل توبته من إثم وجرم).
في هذه الآيات: تكذيبُ قوم نوح رسولهم واستخفافهم بالمؤمنين، وحثهم له على طردهم والانتهاء من دعوته أو ليكونن من المرجومين، ولجوء نوح - صلى الله عليه وسلم - إلى الله ليفصل بينه وبين قومه المكذبين، وإجابة الله تعالى له بنجاته في السفينة والمؤمنين، وفي ذلك أكبر الآيات من الله العزيز الرحيم، وقد كان سبق في علم الله أن أكثرهم لا يؤمنون.
قال القرطبي:({كَذَّبَتْ} والقوم مذكر، لأن المعنى: كذبت جماعة قوم نوح، وقال:{الْمُرْسَلِينَ} لأن من كذب رسولًا فقد كذب الرسل، لأن كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل. وقيل: كذبوا نوحًا في النبوة وفيما أخبرهم به من مجيء المرسلين بعده. وقيل: ذكر الجنس والمراد نوح عليه السلام).