للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن زيد: ({الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال: خبء السماء والأرض: ما جعل الله فيها من الأرزاق، والمطر من السماء، والنبات من الأرض، كانتا رتقًا لا تمطر هذه ولا تنبت هذه، ففتق السماء، وأنزل منها المطر، وأخرج النبات).

قلت: والآية أعم من ذلك، فهي تشمل كل خفية في السماوات والأرض، وكل غائبة صغيرة أو كبيرة، فهو يعلمها ويخرجها متى شاء، كما قال سبحانه في آخر هذه السورة: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل: ٧٥]. فيشمل الخبء كل ما هو مخبوء فيهما من نبات ومعادن وأرزاق ومخلوقات مختلفة لا يعلمها إلا الله.

وقوله: {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}.

أي: ويعلم ما يخفيه العباد وما يعلنونه من الأقوال والأفعال، لا يخفى عليه سبحانه من أمر خلقه شيء.

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [هود: ٥].

٢ - وقال تعالى: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: ١٠].

٣ - وقال تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: ٧].

وفي المسند وسنن النسائي عن عروة عن عائشة قالت: [الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلى آخر الآية] (١).

وفي صحيح مسلم من حديث عمر - قال جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرني عن الإحسان؟ قال -: [الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنَّه يراك].


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٦/ ٤٦)، والنسائيُّ (٣٤٦٠)، والبخاري تعليقًا (٧٣٨٥)، وأخرجه ابن ماجة (١٨٨) و (٢٠٦٣)، وأخرجه عبد بن حميد (١٥١٤)، وأخرجه ابن جرير في "التفسير" (٣٣٧٢٦)، وإسناده على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>