للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعاء إلى الله - عز وجل -، ألا ترى إلى قول الله - عز وجل - لنبيّه - صلى الله عليه وسلم -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥]، وقوله لموسى وهارون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤]. ذكره القرطبي بعد أوجه أخرى ثمَّ قال: (وكلها وجوه حسان وهذا أحسنها).

قلت: ولا شك أن مجموع ما سبق من الخصال يمكن أن يوصف به كتاب سليمان عليه الصلاة والسلام إلى بلقيس ملكة سبأ.

وقوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}.

أي قالت: يا أيها الملأ إني ألقي إليّ كتاب كريم، وإنه من سليمان ابتدأه بـ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. فعرفوا أنَّه من نبي الله سليمان عليه السلام. وأنه لا قِبَل لهم به. قال ابن كثير: (وهذا الكتاب في غاية البلاغة والوَجازَةِ والفصاحة، فإنَّه حَصَّل المعنى بأيسر عبارة وأحسنها، قال العلماء: ولم يكتب أحد {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قبل سليمان عليه السلام).

قال ابن زيد: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ}: أن لا تمتنعوا من الذي دعوتكم إليه، إن امتنعتم جاهدتكم. {وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} يقول: وأقبلوا إليّ مذعنين لله بالوحدانية والطاعة).

وقال ابن جرير: (وعنى بقوله: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ}: أن لا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه).

وقوله تعالى: {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ}.

قال ابن زيد: (دعت قومها تشاورهم. قالت: {مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا} بمعنى: قاضية).

قال القاسمي: (أي: لا أبتُّ أمرًا إلا بمحضركم ومشورتكم. ولا أستبدّ بقضاء إلا باستطلاع آرائكم والرجوع إلى استشارتكم).

وقوله تعالى: {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}.

قال ابن زيد: (عرضوا لها القتال، يقاتلون لها، والأمر إليك بعد هذا {فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}).

<<  <  ج: ص:  >  >>