للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنهم أحياء عند ربهم يرزقون. قال النسفي: ({إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}: إلا من ثبت الله قلبه من الملائكة، قالوا: هم جبريل وميكائيل وإسرافيل، وملك الموت عليهم السلام. وقيل: الشهداء. وقيل: الحور، وخزنة النار، وحملة العرش، وعن جابر رضي الله عنه: منهم موسى عليه السلام لأنه صعق مرة).

قلت: وكل ما سبق محتمل في التأويل، والله تعالى أعلم بمن يستثني.

وقوله: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}. قال ابن عباس: (يقول: صاغرين).

قال ابن زيد: (الداخر: الصاغر الراغم. قال: لأن المرء الذي يفزع إذا فزع إنما همته الهرب من الأمر الذي فزع منه، قال: فلما نُفخ في الصور فزعوا، فلم يكن لهم من الله منجى).

وقد قرأته بعض قراء الأمصار بالمدّ {وكل آتوه}، وقرئ {أَتَوْهُ} والمعنى واحد، أي جاؤوه طائعين صاغرين لم يتخلف منهم أحد.

وقوله: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}.

قال ابن عباس: ({تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} يقول: قائمة، وهي تسير سيرًا حثيثًا).

وقال القتبي: (وذلك أن الجبال تُجمع وتُسيَّر، فهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير).

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩) وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} [الطور: ٩ - ١٠].

٢ - وقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: ١٠٥ - ١٠٧].

٣ - وقال تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الكهف: ٤٧].

٤ - وقال تعالى: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [النبأ: ٢٠].

وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قال: [جاء حَبْرٌ من اليهود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد! إنَّ الله يُمْسِكُ السماوات يوم القيامة على أصبع، والأرضين على أصبع، والجبال والشجر على أصبع، والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلق على أصبع، ثم يهزّهن، فيقول: أنا الملك، أنا الله، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعجبًا مما قال الحَبْرُ تصديقًا له، ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>