للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجائهم، العلم بصدق إيمانهم من كذب توجههم. فليبادر الصادق إلى إثبات صدقه بالإيمان والعمل الصالح.

وقوله تعالى: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.

قال النسفي: {وَمَنْ جَاهَدَ} نفسه بالصبر على طاعة الله، أو الشيطان بدفع وساوسه، أو الكفار {فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ} لأن منفعة ذلك ترجع إليها. {إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وعن طاعتهم ومجاهدتهم وإنما أمَرَ ونهى رحمة لعباده).

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

قال القرطبي: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} أي: صدقوا {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي: لَنُغَطِّيَنها عنهم بالمغفرة لهم {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي بأحسن أعمالهم وهو الطاعات).

قلت: ويشمل هذا من كان في الجاهلية ثم أحسن في الإِسلام. فقد أخرج الحاكم بسند حَسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لَيَتَمَنَّيَنَ أقْوامٌ لَوْ أَكْثَروا من السَّيئاتِ، قالوا: بِمَ يا رسول الله؟ قال: الذين بَدَّلَ الله سيئاتهم حَسنات] (١).

٨ - ٩. قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (٩)}.

في هذه الآيات: وصيةُ الله الإنسان ببر الوالدين والإحسان إليهما وترك طاعتهما في معصيته ولكن مصاحبتهما بالمعروف والله عليم بالمتقين. وإخباره تعالى عن جميل ما أعدّ في الجنة لعباده الصالحين.

أخرج الإِمام مسلم في صحيحه عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه نزلت فيه آيات من القرآن قال: [حلفت أم سعد ألا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب. قالت: زَعَمْتَ أن الله وَصَّاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا. قال: مَكَثَتْ ثلاثًا حتى


(١) حديث حسن. أخرجه الحاكم (٤/ ٢٥٢)، بإسناد حسن. وانظر السلسلة الصحيحة (٢١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>