للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسمة، والفرار من الزحف، وقذف المحصنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وإلحاد في المسجد، والذي يستسخر (١)، وبكاء الوالدين من العقوق. قال لي ابن عمر: أتفرق (٢) من النار وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: إي، والله, قال: أحيٌّ والدك؟ قلت: عندي أمي. قال: فوالله! لو ألنتَ لها الكلام وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما احتنبت الكبائر] (٣).

وفي مسند الإِمام أحمد والطيالسي بسند صحيح عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [الوالد أوسط أبواب الجنة] (٤).

١٠ - ١١. قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (١٠) وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (١١)}.

في هذه الآيات: سقوطُ كثير من الناس عند هبوب رياح الفتن مع الساقطين، فإذا كان الرخاء والنصر وتدفّق النعم طالبوا إشراكهم في الغنائم ليكونوا من الفرحين. والله تعالى هو أعلم بالمؤمنين الصادقين والمنافقين الكاذبين.

فقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}.

قال ابن عباس: (فتنته أن يرتد عن دين الله إذا أوذي في الله). وقال مجاهد: (أناس يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهم بلاءً من الله أو مصيبة في أنفسهم افتتنوا، فجعلوا ذلك في الدنيا كعذاب الله في الآخرة).

والآية إخبارٌ عن قوم يدّعون الإيمان بألسنتهم، فإذا جاءت الفتن والمحن سقطوا وانتكسوا ورجعوا إلى الكفر والضياع.


(١) يستسخر: الاستسخار من السخرية واللمز.
(٢) أتفرق من النار: الفَرَق، الخوف والفزع.
(٣) حديث صحيح. انظر: "صحيح الأدب المفرد" - (٦)، باب لين الكلام لوالديه.
(٤) صحيح الإسناد. أخرجه أحمد (٥/ ١٩٦)، وابن ماجه (٢٠٨٩)، والحاكم (٤/ ١٥٢)، والطيالسي في "مسنده" (٩٨١)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (٩١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>