في هذه الآيات: ذِكْرُ الله تعالى خبر انتصار فارس على الروم زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وَوَعْدُهُ بقلب النصر لتغلب الروم فارس في بضع سنين، وعندها يفرح المؤمنون بوعد الله لا مخلف له، وإنما أكثر الناس منغمسون في دنياهم لا يعلمون عن حقائق دينهم وأمر مستقبله وأمور الآخرة.
أخرج الترمذي وابن جرير عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:[كانت فارس ظاهرة على الروم، وكان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم](١).
فنزلت هذه الآية حين غلب سابورُ ملكُ الفرس على بلاد الشام وما والاها من بلاد الجزيرة، وأقاصي بلاد الروم، فاضطَرَّ هرقل ملكَ الروم حتى ألجأه إلى القسطنطينية، وحاصره مُدَّةً طويلة، ثم عادت الدولة لهرقل. وكان المسلمون آنذاك بمكة يعيشون الغربة مع نبيّهم - صلى الله عليه وسلم -، ولكنهم رغم الحصار فقد كانوا على اطلاع على الأحداث الخارجية ومتابعة للتطورات السياسية في العالم. فقد فهموا من الوحي الكريم منذ اللحظة الأولى، أنهم أبناء واقع مضطرب سيكونون مصلحيه غدًا، وأهل زمن اشتد
(١) حديث حسن. انظر سنن الترمذي (٥/ ٣٤٣ - ٣٤٤)، وتفسير الطبري (٢١/ ١٢).