قال القرطبي:(استدلال بالشاهد على الغائب). والمقصود: إن الذي يحيي هذه الأرض بعد يبسها ودثورها بهذا الغيث لمحيي الموتى بعد موتهم وهو على ذلك وعلى غيره قدير، وليس شيء عليه بعسير.
قال ابن عباس:({فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا}: الزرع، وهو الأثر). وقيل:(فرأوا السحاب). فالمعنى: يقول جل ذكره: ولئن أرسلنا ريحًا مفسدة ما أنبته الغيث فرأى هؤلاء الأثر المفسد: في اصفرار زروعهم بعد اخضراره، ويبسه بعد نضجه، لظلوا من بعد استبشارهم وفرحتهم به يكفرون بربهم، ويجحدون نِعَمَهُ، ويَنْسَون أياديه عندهم.
في هذه الآيات: إثباتُ عدم سماع الأموات في قبورهم نداء الأحياء، وتمثيل الكفر والإعراض عن سماع الحق بالموت والصمم، وإنما الهداية بيد الله فهو يهدي من أخبت إليه وكان من المسلمين.
قال قتادة:{فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}: هذا مثل ضربه الله للكافر، فكما لا يسمع الميت الدعاء، كذلك لا يسمع الكافر {وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} يقول: لو أن أصمّ ولّى مدبرًا ثم ناديته لم يسمع، كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفعُ بما يسمع).
والمقصود: أن الهداية لأهل العمى عن الحق إنما هي بيد الله، فهو وحده الذي بقدرته يُسْمِعُ الأموات أصوات الأحياء لو شاء، وكذلك فهو يهدي من يشاء، ويضل من يشاء.
قلت: وهذه الآية نص في عدم سماع الأموات في قبورهم نداء الأحياء، وإنما جاء الاستثناء في أمرين خاصين: