للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْرَه، ولا يُثني عليه كما ينبغي، حتى يكون هو الذي يثني على نفسه، إن ربنا كما يقول، وفوق ما نقول).

وهذه الآية كقوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: ١٠٩].

وفي سنن ابن ماجة بسند صحيح عن عائشة قالت: [فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذات ليلة، من فراشه. فالتمسته. فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد. وهما منصوبتان، وهو يقول: اللهم! إني أعوذ برضاك من سَخَطِكَ، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك] (١).

وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}. أي: عزيز في انتقامه من أعدائه، وقد عزَّ كل شيء وغلبه وقهره. {حَكِيمٌ} في خلقه وأمره، وأقواله وأفعاله، وشرعه وقدره، وفي جميع شؤونه.

وقوله: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ}.

قال قتادة: (يقول: إنما خلْقُ الله الناس كلّهم وبعثُهم كخلق نفس واحدة وبعثها). وقال مجاهد: ({كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يقول: كن فيكون، للقليل والكثير). والمقصود: أن خلق جميع الناس وبعثهم يوم القيامة بالنسبة لقدرة الله هو في هوانه كخلق نفس واحدة وبعثها، فإن الجميع هين عليه سبحانه ولا يعجزه شيء.

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: ٥٠].

٢ - وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: ٨٢].

٣ - وقال تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: ١٣ - ١٤].

وفي صحيح البخاري عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: [جاء حَبْرٌ من الأحبار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا مُحَمَّدُ، إنا نَجِدُ أنَّ الله يجعلُ السماوات على إصْبَع، والأرضينَ على إصْبَع، والشَّجرَ على إصْبَع، والماءَ والثَّرى على إصْبَع، وسائِرَ


(١) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة (٣٨٤١) - كتاب الدعاء. باب ما تعوَّذ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٠٩٨). ورواه أبو داود في السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>