للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}.

قال قتادة: (لو شاء الله لهدى الناس جميعًا، لو شاء الله لأنزل عليهم من السماءِ آية، فظلت أعناقهم لها خاضعين).

والمقصود: ولو شئنا - يا محمد - لآتينا كل نفس رشدها وتوفيقها إلى الإيمان بالله واتباع رسوله والعمل بشريعته.

وفي التنزيل نحو ذلك:

١ - قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: ٩٩].

٢ - وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: ١٠٧].

٣ - وقال تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: ٩٧].

أخرج أبو نعيم في "الحلية" بسند صحيح لغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب كتف أبي بكر وقال: [إنَّ الله لو شاء أن لا يُعصى ما خلق إبليس] (١).

وفي لفظ - عند اللالكائي والبيهقي - من حديث عمرو بن شعيب عن أبيهِ عن جده، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: [يا أبا بكر، لو أرادَ اللهُ أن لا يُعصى ما خلق إبليس].

وقوله: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.

أي: ولكن - يا محمد - وجب العذابُ مني على من كفر واستكبر وأصَرَّ على العناد ومخالفة الرسل، وحقّ عليهم القول بأن أملأ جهنم من عصاة الجن والإنس أجمعين.

وقوله: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ}. قال قتادة: (نسوا من كل خير، وأما الشر فلم ينسوا منه). وعن ابن عباس: {إِنَّا نَسِينَاكُمْ}، يقول: تركناكم).

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا: [فيلقى العَبْدَ فيقول: أي فُلْ (٢)! ألم


(١) صحيح لغيره. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٩٢) واللالكائي في "السنة" (١/ ٤١/ ١)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (١٥٧)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٦٤٢)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ٨٨٤ - ٨٨٧) لتفصيل البحث.
(٢) معناه: يا فلان، وهو ترخيم على خلاف القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>