في هذه الآياتِ: توجيهُ الله تعالى الخطاب للمشركين المستكبرين أنه كذلك أمر الأمم التي سلفتكم والقرى من قبلكم كلما شعروا بالترف طغوا وتكبروا وكفروا بنعم الله وبلقائه، فأعمتهم الدنيا وزينتها وزادتهم عتوًا وغرورًا، وظنوا أن وفرة الرزق والنعم دليل رضا الله عنهم، فكذبهم الله بقوله: بأنه سبحانه لا ينظر إلى أموال الناس وصورهم فهو خلقهم وخلق أموالهم وأولادهم، فلا تغني عنهم كثرة الولد مع الكفر بل هم في العذاب محضرون. وإنما الله يقسم بين الناس الرزق ويخلف على المنفق في سبيله، وهو خير الرازقين، فليست أموالكم وأولادكم دليلًا على محبتنا لكم.
فعن قتادة:(قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} قال: هم رؤوسهم وقادتهم في الشر. {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى} قال: لا يعتبر الناس بكثرة المال والولد، وإن الكافر قد يُعطى المال وربما حُبِسَ عن المؤمن).
وعن مجاهد:(قوله: {عِنْدَنَا زُلْفَى} قال: قربى). وقال ابن زيد: (قالوا نحن أكثر أموالًا وأولادًا، فأخبرهم الله أنه ليست أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}. قال: وهذا قول المشركين لرسولى الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. قالوا: لو لم يكن الله عنا راضيًا لم يعطنا هذا، كما قال قارون: لولا أن الله رضي بي وبحالي ما أعطاني هذا، قال:{أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ} إلى آخر الآية [القصص: ٧٨].
وفي صحيح الإمام مسلم، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الله تعالى