للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا}. يكون - الذين - في محل جر: بدلًا من قوله: {مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} أو بدلًا من "حزبَه". فيكون في محل نصب، أو في محل رفع مبتدأ خبره قوله تعالى: ({لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}. ويكون قوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} في محل رفع على الابتداء أيضًا وخبره: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ}. وقوله: {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}. قال قتادة: (وهي الجَنَّة).

وقوله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.

قال قتادة: (الشيطان زين لهم {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} أي لا يحزنك ذلك عليهم فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء).

وقال ابن زيد: (الحسرات: الحزن، وقرأ قول الله: {يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}). قال ابن جرير: (وحذف من الكلام: ذهبت نفسك عليهم حسرات اكتفاء بدلالة قوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} منه).

ووقع قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} موضع الجواب. وقد قرأها الجمهور: "فلا تَذْهَب نفسك"، وقرأها أبو جعفر المدني وشيبة: "فلا تُذْهِب نفسك" والأول أصح وعليه إجماع القراء.

فالمراد هنا - والله تعالى أعلم - كفار قريش، كما قال في موضع آخر: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} أي من شدة النصح كأنك قاتل نفسك، وقد قال له في موضع آخر يسليه: {وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ}، وقال في موضع ثالث: ({لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}.

وقوله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ}. قال قتادة: (يرسل الرياح فتسوق السحاب فأحيا الله به هذه الأرض الميتة بهذا الماء، فكذلك يبعثه يوم القيامة).

وقوله: {فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}. أي: فينشر الله سبحانه الموتى بعد بلائهم في قبورهم فيحييهم كما أحيا الأرض الميتة بالغيث والقطر فهو على كل شيء قدير، وهو قوله: {كَذَلِكَ النُّشُورُ}.

فيكون المقصود من المعنى: أي: فليتهيؤوا وليتعززوا بطاعة الله، فكل سبيل آخر مآله إلى المذلة والهوان كعبادة الأهواء والأصنام والأوثان.

وقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ}. قال مجاهد: (يقول: من كان يريد العزّة بعبادته

<<  <  ج: ص:  >  >>