للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يكون من أمرها وأمر عَبَدتها يوم القيامة، من تبرُّئها منهم وكفرها بهم مثل ذي خبرة بأمرها وأمرهم، وذلك الخبير هو الله الذي لا يخفى عليه شيء كان أو يكون سبحانه).

١٥ - ٢٦. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (١٧) وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (١٨) وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (٢٣) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٢٦)}.

في هذه الآياتِ: يخاطب الله سبحانه عباده: يا أيها الناس أنتم أولو الفقر والضعف والعجز والحاجة إلى ربكم سبحانه، فإياه فاعبدوا وإليه فاقصدوا يغنكم من فضله، فهو الغني لا يفتقر إلى شيء من خلقه، وهو الحميد في أقواله وأفعاله، ولو شاء لأذهبكم وجاء بغيركم فالأمر له لا شريك له، ويوم القيامة لا يحمل أحدٌ عن الآخر وزره، ولا يعين نفسًا مثقلة بأوزارها تسأل العون على حملها أحدٌ ولو كان أباها أو ابنها أو زوجها أو أخاها أو جارها، وإنما يتعظ من كان من أولي الأبصار والنهى، وخاف مقام ربه وأقام الدين في حياته والصلاة التي هي عماده، وزكّى نفسه وطهّرها من دنس الكفر والذنوب بالتوبة وحسن الإيمان والعمل. فكما لا تستوي الأشياء المتباينة المتضادة في صفاتها كالأعمى والبصير والظلمات والنور والظل والحرور، فكذلك لا يستوي الأحياء ولا الأموات، فشبه سبحانه المؤمنين بالأحياء والكافرين بالأموات، فكما لا ينتفع الموتى بعد موتهم وهم كفار بالهداية والإيمان، فكذلك المشركون المعاندون الذين علم الله ما في قلوبهم فكتب عليهم الشقاوة، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات، إنما عليك البلاغ، فكل أمة مضى فيها نذير، ومن كذّب

<<  <  ج: ص:  >  >>